اللوحة: الفنان الفرنسي إدوارد فويلارد
محمد محمود غدية

1
فجأة وجدها لا تكلمه وقد غابت ابتسامتها لأول مرة، بعد مرور عشر سنوات على زواجهما، تدفقت كل الصور فى لحظة وكأنها كانت محتجزة خلف قبو أزيل، فاندفعت تياراً لا يتوقف ولا يهدأ.. يعشق وجهها الذى فى لون الصباح وعينيها الواسعتين، اللتين تتلألأ فى سوادهما عشرات النجوم.
اكتشف سبب غياب ابتسامتها، بالأمس كان عيد ميلادها الذى لم يتذكره فى زحمة العمل والسفر، حاول الاعتذار لكنها لم تستجب، ظلت هديته لها والتى جاءت فى التوقيت الخطأ، دون أن تفضها أو تلمسها، غير مقصرة فى واجباتها نحوه، تقدم له الإفطار وقهوته التى لا يشربها إلا من يدها، فقط لا تكلمه.. لديه فى الغد سفر مهم، لابد من الاستيقاظ مبكراً فى الساعة السابعة.. كتب لها ورقة بضرورة إيقاظه فى السابعة من صباح الغد، ليستيقظ ويرى ساعته تشير إلى التاسعة، وبجواره ورقة مكتوب فيها : إستيقظ الآن الساعة أصبحت السابعة صباحاً!
2
شهر واحد فى السنة يقضيه مع زوجته والأولاد، وبعدها يسافر إلى حيث يعمل فى دول الخليج، المال الذي يرسله كل شهر بالكاد يكفى نفقات البيت، زوجته تفعل المستحيل فى ضغط نفقات البيت، لتكفيها طوال الشهر فى غير شكوى.. حتى كان يوما، جاءتها من الزوج رسالة على هاتفها، يعتذر فيها أنه لن يتمكن من إرسال نقود هذا الشهر لظروف طارئة، وبدلاً من ذلك يرسل ألف قبلة، وعليها أن تدبر أمرها.. أصابتها الرسالة بالإحباط وهم جديدين، لكنها تماسكت وكتبت له تقول:
أشكرك على الألف قبلة التى أرسلتها وإليك كشف بالمصروفات: مائتان وخمسون لصاحب العقار إيجار الشقة، ومائتى قبلة للبقال، وثلاثمائة لمدرسي الأولاد، وبقيت مائتان وخمسون قبلة، إذخرتها تحسباً للظروف الطارئة من دكتور وعلاج وخلافه.