نجوى عبد العزيز
يأخذنا قلم الأديب الى رحلات أدبية راقية على ربى لغة فصحى سامقة متألقة تحلق بنا في مقاربة ما يخطر للقارئ من متعة تأمل وغوص في واقعية وربما وجودية؛ حضور طاغ للأديب بحروفه فلا عجب أن يجد القارئ نفسه متماهيًا مع السرد الموشى بالحسن، وقشيب لغة سلمت له مفاتيحها؛ أسلوبه بلاغي مميز وإبهار الفصاحة فيه لا يُقارن؛ كلمات وجمل رشيقة وجمال التصوير كل سطر يحمل معاني متعددة، الكاتب يُدير دفة المعاني ببراعة بالغة، والرصانة تشتبك في مقدرته الرسم بالحروف بعذوبة فنية راقية بقدرات لغوية بالغة تجذب القارئ بقوة ورصانة وعذوبة وموسيقية؛ النصوص السردية كلها ثرية عبقة بحسن أخاذ تقتنص منك حسك الأدبي وتلف بك بحور البلاغة والبيان، الأعمال أغلبها لوحات رسمت بمشاهد مكتظة المعاني جزلة الأخبار؛ ولربما نُحتت بمهارة الصنعة تنتزع منك الإشادة وفي عمقها تتصدر قيم الخير وتساؤلات حيرى ما بين دفتي الكتاب وهي تحمل طابعًا بلاغيًا يمزج بين الحواس ومشاعر الشغف وللمرأة نصيبها الوافر وحظها الثري في غالبية نصوصه، والقاص يبث إليك التجربة الإنسانية التي تتشابك فيها العواطف الانفعالية مع الصور الشعرية؛ يُجسدها الكاتب بمداده العاشق للفصحى ولقالب حب صادق أو قيمة اجتماعية نبيلة أو نقيصة غرست أظفارها في دماء بريئة أو لقطة إنسانية طاف طائفها بالكاتب فدشن لعقول القراء مدينة أسطورية، يلجها في سطور قليلة ويطوف بمدنها وقلاعها في نص سردي محكم مختزل بلا نقص، مسددًا تمامًا في أهدافه لا يحيد ولا يتركك لمارد الملل يقتنصك هو يُحيطك بذراعيه ويحتضن يدك بقلبه فتسير معه وهو يهمس في أذنيك بفكرته فتمضي معه وكلك شغف وانبهار وترقب لما تفضي إليه صحبتكما؛ وانتقالات القاص بين عدة فكر في القصة الواحدة يُدهشك ويحملك للمضي معه لتقصي المنظور المحسوس في قصص الحب الأسطورية من اختفاء قسري للبطلة ربما بلا مبرر. إلَّا أن أسلوب القاص يجذبك بقوة لتشهد النهاية التي يحرص القاص على كونها مباغتة للأحداث؛ ربما هذا يعزز الإيقاع المرسوم والتوافق الثري في علاقة تجعل القارئ يشعر فيها بتفرد السرد وبمصداقية الحرف للقاص المتميز.. الاسلوب السردي الشعري يُثري الخاطر ويُنمي داخل القاريء هواية التتبع والدهشة والانبهار مما يعزز من تأثير النصوص في النفوس؛ المجموعة تعكس تجارب؛ لكن السرد الأخاذ يثبت أن القاص ظاهرة فريدة في عالم القصة القصيرة؛ وأن كتاباته هي دواء للجميع وترياق لمَنْ أجتمع وعيه برمزية القاص ولمَنْ بهر بالقص الفاتن الذي يأخذنا الى عالم الكاتب المتألق في الرسم بالكلمات، والنقش على أبجديتها بمهارة والعزف بعذوبة ورقة طالما افتقدناها في حياتنا الأدبية وإن وجد أساطين يُبدعون ويثرون وينشرون الدفء والسحر في ألباب القراء وهم كُثر.
فهل يحق لنا أن نقول عمن يُبدع هكذا ويُسعد الحروف ويتبارى معها في سباق أخاذ ويرأف بالجماد والإنسان صاحب مدرسة جديدة تبشر بالأمل في صلاح ما تخلى عنه من تخلى وراء أهداف أخرى؟!