المشي أقصر طريق إلى الذات

المشي أقصر طريق إلى الذات

ترجمة: عبد الجليل لعميري

أصدرت مجلة علوم إنسانية في سلسلتها الفصلية (ملفات كبرى) -العدد ٧٩- يونيو/يوليوز/أغسطس ٢٠٢٥. ملفها الجديد تحت عنوان “المشي أقصر طريق الى الذات”. وهو ملف طريف تدور مقالاته عن المشي وعلاقته بالذات والحياة من وجهات نظر متنوعة تعبر عن تجارب إنسانية مختلفة وبأسلوب لغوي تتكلم فيه العاطفة والإبداع كما تعبر لغته عن الرؤى والأفكار.

من أهم مواضيع العدد: حوار مع عالم الحفريات باسكال بيك الذي ربط المشي بالتأثير على عقليتنا وعلاقاتنا الاجتماعية. ومقالات: الأنواع التي تمشي، امشي للبحث عن نفسك، الحيوانات رفاقنا المتجولين، ارمسترونج والقمر عند قدميه، أهل المتجولين، الخطوات الأولى يبدأ الاكتشاف (عند الأطفال)، أخبرني كيف تمشي أخبرك كيف حالك، علم الأعصاب: الرأس والساقين…

ومواضيع أخرى. إنه عدد يستحق القراءة والمناقشة. وإليكم هنا ترجمة لافتتاحية العدد. 

المشي كمقاومة

(المثقف الجالس لا يذهب أبعد من الأحمق الذي يمشي) ميشيل أوديار. 

إنه القدم، بل القدمان! يا له من أمر غريب. في خضم تسارع كل شيء: تلألؤ الشاشات، طنين الطائرات بدون طيار، أليس من الممتع أن تعرف أنك شخص يمشي؟ يتحرك ببطء، بسرعة خطوتين في الساعة! بحذاء قديم، أو مثقلا بحقيبة، أو لا شيء على الإطلاق. بدون ضوضاء محرك وعجلة لا نسير بسرعة كبيرة ولكننا لا نتراجع أيضا، وهذا يغير كل شيء.

المشي، قد يبدو بلا قيمة إنه الحد الأدنى من الحركة، هو أبطأ من الجري، وأقل أناقة من الرقص، وأقل فعالية من قيادة(سيارة)، ومع ذلك فيه كل شيء: تاريخنا الشخصي فكرنا، تركيبتنا. فوراء مشينا ألف دافع: للهروب للبحث، للهضم، لإحلال السلام أو الحرب، لإراحة الذهن. الأديان لديها حججها، والجيوش لها تحركاتها الجبرية، الازواج لهم نزهاتهم التي قد تنتهي بشكل درامي، الأطفال يمشون ليتعلموا، والكبار لكيلا يصابوا بالصدأ. والنشطاء(المدنيون) لكي يسمعوا صوتهم. المتسكعون- يمشون- لكي ينساهم الناس. هناك من يحصي خطواته، وهناك من يعد الدقائق للوصول إلى المقعد التالي.

المشي حكايات الأجساد والعصور والتوازنات. يكشف طرق العيش في الفضاء العام، وتدبير الزمن، ونسج الروابط، يظهر ما كنا نعتقد أنه مخفي: التعب، المكان، الصمت، وأحيانا الآخرين. 

في الأساس المشي ربما يكون نشاطنا الأكثر إنسانية، لا يعد بشيء ولكنه يسمح بالكثير: المغادرة، العودة، التفكير، التوجيه، اللقاء، الهدوء، التنفس، اللقاء بشخص نحبه.

ببساطة أصبح المشي شكلا من أشكال المقاومة، أو ترفا هادئا متاحا بدون اشتراك، بدون ذكاء اصطناعي، وبدون بطارية. مجاني.

وبما أنه لا فائدة من الجري (إلا إذا نسينا الأطفال في المدرسة) فلنمش معا. أيها القراء والقارئات هيا نحو عالم أفضل (بشرط ألا يكون شديد الانحدار)، دون أن ننسى الاسترخاء بين مقال وآخر…. تفضل أنا من بعدك.


العنوان الأصلي للافتتاحية «شكرا.. لا تبقى جالسا» 

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.