اللوحة: الفنان الكويتي عبد الوهاب العوضي
محمد عطية محمود

حتى لو كان قُدَّ من حَجَرْ
فإنَّ الحجَرَ ينطقُ بما لا يُطاق
ولا يحمل وزره بشر..
ربما انبجست من الحجرِ..
أعينٌ وأنهارٌ.. ليسَ لهَا،
بُدٌّ من اختراقٍ وسفرْ..
ولا محيصَ من انفلاتٍ..
من أسرٍ لا يُحتمل،
وذنب هاجرٍ لا يُغتفر.
الحجرُ – يا صديقي – يومًا ما..
كان مُبصرًا ملءَ أحداقه..
ومنيرًا مِلءَ غُرفِه المغلقةِ..
على قُدسِ أسراره..
وكانَ يتدفَّقُ بمَاء المُحاياةِ
من عميقه، ومن شقوقٍ واهِنة.
لم يكن حريصًا يومًا على شيءٍ
قدْرَ حِرصِهِ عَلىَ استحلاب مَا يُبقيه المطرْ..
لكن ما يجعله – مع سبقِ الإصرارِ –
حجرَا، ليس إلَّا..
اختفاء أنهار العالم وعيونه،
وسحابات مُزنِهِ وريِّه،
وانسحابِ الأملِ..
من عيونٍ لم تكُن..
تعْترِفُ – يومًا ما –
لا بالهزيمة ولا بالضجر..
لم تكن تنتظر، سوى أن..
يكون الوصل – على قدر الشوق –
ضوءًا نافذًا..
في قلب حقيقة.. تنير ظلمةً..
كما تثمر في عراءٍ، وفي..
وضوح الشمس، وسنَا ضَوْءِ القَمَرْ
وتُزهِرُ بحُبٍّ معَ أوراقِ الشجَرْ.
لكنَّ ما يُلينُ الحجرَ – مرَّةً أُخْرَىَ –
ويُخلُّ بعهد جموده..
غير عودة ري أشعل ليالي العمر،
ثم انسحب،
وقرَّت أسباب لتفتته،
لم يأت بها غير ظلم لقلبٍ جائرٍ،
امتص ما به من رحيق ماء..
فأعاده حجرًا أصم..
يوشك من قسوة جفافه..
أن ينشطر.