زَخارِفُ الدُّنْيا

زَخارِفُ الدُّنْيا

اللوحة: الفنان السوري محمد غنوم

ماهر باكير دلاش

يَا مَنْ يُمَنِّي النَّفْسَ بِالدُّنْيَا وَيَعْتَسِفُ

هَلْ غَرَّكَ مَالٌ أَوْ سُلطانٌ مُكْتَنَفُ؟

الدَّهْرُ دَوَّارٌ، فَلَا تَأْمَنْ مَسِيرَتَهُ

وَالْمَوْتُ بَابٌ عَلَيْهِ الكُلُّ يَعْتَكِفُ

فَاغْنَمْ حَيَاتَكَ بِالْإِحْسَانِ مُبْتَدِرًا

فَالخَيْرُ يُورِثُ ذِكْرًا حِينَ تُخْتَطَفُ

وَاعْلَمْ بِأَنَّ زُهُورَ العَيْشِ ذَابِلَةٌ

مَهْمَا تَجَمَّلَ فِيهَا الظِّلُّ وَالقُطُفُ

وَالْجَاهِلُونَ بِأَمْرِ اللَّهِ فِي عَمَهٍ

وَالْعَقْلُ نُورٌ لِمَنْ بِالْحَقِّ يَعْتَرِفُ

فَكُنْ زَكِيًّا، وَلَا تَغْتَرَّ بِالدُّنْيَا

فَالعُمْرُ يَمْضِي، وَاللَّهُ لَنَا خَلَفُ

مَا لِلْعِبَادِ سِوَى التَّقْوَى مَلَاذُهُمُو

إِنْ زَلَّ يَوْمًا بِهِمْ أَوْ ضَاقَ مُنْعَطَفُ

إِنَّ القَدَرَ لَا يَحْتَسِي فَجْوَاهُ

فَأَنْتَ في كُلِّ لَحْظَةٍ هَدَفُ

الدُّنْيَا مَمَرٌّ، وَلَيْسَتْ دَارَ مَقْرَبَةٍ

وَالْعَقْلُ لِلْمَرْءِ خَيْرٌ مَا بِهِ جَنَفُ

سَلْ كُلَّ قَبْرٍ عَنِ الأَحْيَاءِ كَيْفَ غَدَوْا

كَانَتْ لَهُمْ فِي ثَنَايَا اللَّيْلِ مُغْتَرَفُ

مَا نَالَ مَجْدًا، وَلَا جَاهًا، وَلَا نِعَمًا

العِزُّ مِنْ اللَّهِ، عِزٌّ فَوْقَ مَا أَصِفُ

يَا عَاشِقَ الْمَالِ وَالدُّنْيَا وَزُخْرُفَهَا

أَيْنَ الَّذِينَ بِهِمْ كَانَ يَنْصَرِفُ؟

صَارُوا غُبَارًا، وَصَارَ الْمَالُ فِي تَعَبٍ

لَا يَنفَعُ الطَّامِعِينَ الْعَيْشُ وَالسَّلَفُ

هَذَا الْوُجُودُ كَسَرَابٍ فِي تَقَلُّبِهِ

يُغْرِي وَيَخْدَعُ، وَالمَغْرُورُ يَنْجَرِفُ

مَنْ ذَا الَّذِي أَغْنَتْهُ الْأَرْضُ عَنْ قَدَرٍ؟

أَوْ أَمَّنَتْهُ، وَلَوْ عَزَّ بِهِ الشَّرَفُ؟

فَامْضِ بِعَقْلٍ، وَزِنْ أَعْمَالَكَ احْتِسَابًا

فَالخَيْرُ يُورِثُ خَيْرًا حَيْثُ يُلْتَحَفُ

وَاغْنَمْ حَيَاتَكَ إِنَّ الأَعْمَارَ زَائلَةٌ

مَهْمَا تَسَامَوْا لِلْمَجْدِ أَوْ عَكَفُوا

لَا يَنْفَعُ الْمَرْءَ إِلَّا مَا تَصَدَّرَهُ

مِنْ صَالِحَاتٍ بِهَا بِالْحَقِّ يَعْتَرِفُ

يَا مَنْ تَحْتَارُ فِي دُنياكَ وَهُوَّتِهَا

تَذَكَّرْ فِي النِّهَايَةِ إِنَّ الرُّوحَ تَرْتَجِفُ

فَاخْتَرْ طَرِيقَكَ، إِنَّ العُمْرَ نَافِلَةٌ

سَتَمْضِي، مَعَ النَّاسِ يَوْمًا تَصْطَفُّ

فَهَلُمَّوا الآنَ وَازْرَعْوا خَيْرَ غَرْسٍ،

وَقَدْ آنَ لكم خير مَا يُقْطَفُ

فَارْعَوُوا، وَاتَّقُوا، فَالتُّقَى زَادُ

كُلِّ عَبْدٍ، وَالتُّقَى خَيرٌ وأَلْطَفُ

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.