يقظة الطين

يقظة الطين

اللوحة: الفنان السوري حمود شنتوت

عبدالناصر عليوي العبيدي

يا طِينُ، يا سِرَّ البِدايَةِ، عُدْتُ كَيْ

أَلْقَى بِمَكْنُونِ التُّرَابِ يَقِينِي

كَمْ ضِعْتُ فِي لُغَةِ المَرَايَا باحِثًا

عَنْ سِرِّ مُبْتَدَئيَ وَعَنْ تَكْوِينِي

الآنَ أُبْصِرُ ما تَغَشَّى خُطْوَتِي،

وَأَرَى النِّهَايَةَ فِي مِهَادِ الطِّينِ

أَنَا ذَلِكَ الإِنْسانُ، ما حَمَلَتْ يَدِي

غَيْرَ السُّؤالِ، وَمِثْلَهُ يَحْوِينِي

أَبْصَرْتُ مَوْتِي فِي الحَيَاةِ، فَها أَنَا

أَحْيَا لِأَكْتُبَ لِلْفَنَاءِ سِنِينِي

ما كُنْتُ أَدْرِي أَنَّ سِرَّ وُجُودِنَا

أَنْ نَسْتَفِيقَ، وَنَكْتَفِي بِظُنُونِ

أُلْقَى عَلَى وَجْهِ المَدَى، فَتَضُمُّنِي

رِيحٌ، وَيُنْسِينِي الغُبارُ حَنِينِي

لَكِنْ، إِذا ما أُوقِدَتْ نارُ الرَّجَا،

عادَ التُّرابُ يُضِيءُ فَوْقَ جَبِينِي

يا رَبَّ هذَا الوَهْمِ، عَلِّمْنِي الرُّؤَى،

وَاجْعَلْ هُدُوئِي سَجْدَةً فِي الدِّينِ

قَدْ أَيْقَظَتْنِي النَّارُ، ثُمَّ تَبَسَّمَتْ

مِثْلَ العَجُوزِ، كَأَنَّهَا تُغْرِينِي.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.