الحرزـ (7)

الحرزـ (7)

اللوحة: الفنان النرويجي إدوارد مونك

سعاد الراعي

الجزء الثاني من الفصل الثامن من رواية تحت الطبع للكاتبة سعاد الراعي

  • أوراق الحرز (2)

الورقة الثانية

لمّا انطفأ وجه أبي إلى الأبد، وبات اسمه يُتلى همسًا في أركان الدار، حلّ عمّي في حياتنا كظلّ ثقيل لا يُرى منه سوى سواد الطمع ونتانة السلطة. 

كان يأتي بصفة المعيل، 

يحمل في يده ما يشبه الرحمة، 

وفي قلبه ما يشبه الخراب. 

يزورنا بحجّة السند، بينما كانت نظراته تفصح عن نوايا لا تخفى على من ذاقت الفقد وعرفت مبكرًا ألوان الخديعة.

كنتُ يومها طفلة، لكنّي أحمل في داخلي قدرًا من فطنة مبكرة، تلك التي تمنحها المآسي لأصغر أبنائها. كنتُ أرقب خطواته وهو يدخل غرفة أمّي، يغلق الباب وراءه، ثم يخرج بعد ساعات بنفَس متثاقل، وأمّي تلوذ بجدار المطبخ تنتحب، تشتم حظّها وتدفن وجهها في راحتيها كأنها تحاول إخفاء ما لا يُخفى. 

أدركت، 

دون أن يخبرني أحد…

 أنّه كان يراودها عمّا لا حق له فيه، 

وأنه يلوّح بقطع المعونة إن رفضت، 

بل…

يتجرّأ على ضربها إن نهضت كرامتها لتقف في وجهه.

ومنذ تلك اللحظة، انفتح في صدري بئرٌ من الكراهية لا قرار له.
 كنت أراه نجسًا يمشي على قدمين، وأتحاشاه كما يتحاشى الطاهر كل ما يدنّس روحه. صرت أختبئ في زوايا البيت، خلف ستارة متهالكة، تحت السرير، أو قرب سطح الدار حيث لا يصعد أحد.
 لكن عينيه كانتا تلاحقانني أينما حللت، كأن حضوري يوقظ فيه شرًّا آخر.
 يسأل أمّي دائمًا عن غيابي، وحين يعلم أنّني في الدار يطلب أن أقدّم له الطعام والشاي، مكرسًا من وجودي خادمة أبدية من حقه المكتسب
.

كم كرهتُ تلك اللحظات. يدٌ صغيرة ترتجف وهي تحمل طبقًا أكبر من قدرتها، ونظرات متوحّشة تترصّد كل خطوة. وحدث غير مرة أن انزلقت يدي وسقط الطبق على الأرض، فيستشيط غضبًا، ينهال عليّ ضربًا وشتماً، ثم يعاقبني بعقوبة كانت أشدّ قسوة من الألم ذاته: حرماني من المدرسة، التي كانت نافذتي إلى العالم، ومهربي الصغير من رائحة الخوف في البيت ومن نظراته التي تغتال لحظات الطمأنينة المتلألئة بالامان.

مرّة، وحين تكدّست المرارة في صدري، قلت لأمّي 
إنني أريد قتله. 
كنت أقولها بصدق طفلة وصلت إلى منتهاها. وضعت أمّي يدها على فمي بسرعة، كمن يخشى أن تستيقظ العواصف، وقالت بصوت مبحوح، هادئ ولكنه حازم
:
“لا تكرّري هذا أبدًا، يا حياة… 

إن علم بما نويتِ سنُدفن معًا دون أثر. 

عليكِ أن تكوني لطيفة معه… 

فلا تظهري نفورك”.


لكن كيف لطفلةٍ أن تجامل وحشًا؟ 

قلت لها: إنني أكرهه، ولا أطيق حضوره في بيتنا، ولا أحتمل إهانته لنا.
 كنت أقول ذلك وقلبي يخفق بخوف وتمرّد لا يعرف شكلاً ولا مخرجًا
.

لكن…

بلغني في المدرسة، همسًا بين الطالبات، أنّ عمّي يريد الزواج من أمّي، وأنه سيصير “والدًا” لي. كانت الفكرة وحدها كفيلة بإصابتي بالغثيان. نفيتُ الأمر.. 
لا بل رفضته بكل ما أوتيت من قوة الرفض… كأنها نبوءة شرّ لا يجوز أن تتحقق.
 لكن اليوم الذي خشيتُه جاء، ولم يكن بإمكاني صده. 
جلس عمّي أمامنا، بعينين لا تعرفان الحياء، وقال إن علينا الانتقال إلى بيته لتوفير الإيجار، وإنه ينوي الاقتران بأمّي “سترًا لها… لنا”.

 يا للسخافته! 

كان

 يمنّ 

علينا

 بما 

سرقه

 من 

طمأنينتنا.

اقتاد أمّي إلى أقرب مأذون، وكأنها صفقة يجب إنهاؤها بسرعة.
 عادت تلك الليلة صامتة، كأن صوتها نُزع منها.
 عيناها تحملان أثر معركة خاسرة. 
تم الزواج في يوم واحد، وكأن القدر استعجل الوجع كي يستقرّ في صدورنا. 
وفي صباحٍ كالح، حملنا ما تبقّى من متاعنا القليل، وانتقلنا إلى بيت عمّي، تابعين اياه كمقادين لا حول لهم، كخراف تُساق إلى جزار الجديد
.

كنت أسير باتجاه الشاحنة التي اقلتنا، وأنا أصر على اسناني وأضغط على يدي حتى تترك أظافري أثرًا في جلدي، كأن ذلك الألم الخفيف يُساعدني على احتمال ألم أكبر.
 كنت أحسّ بأن الطفولة تُسلب مني، وأنني أدخل عالمًا غريبًا لا مكان فيه لضحكة، ولا لكتاب، ولا لسماء نظيفة. كل شيء كان ثقيلًا: 

الطريق، 

الهواء، 

نظرة أمّي الشاردة، 

وصمتها الذي يشبه استسلامًا مجبَرًا لا قبولًا رضيًا.

ومع ذلك، في داخلي كانت هناك شعلة صغيرة، لا أعرف من أين جاءت، ربما من ذكرى أبي، أو من شيء دفين في روحي، شعلة تقول إنني سأكبر يومًا، وإن هذا الظلم، مهما تمدّد، لن يبتلعني كاملة.
 كانت الطفلة في داخلي ترتجف… 
نعم، لكنها لن تركع.
 وكل خطوة نحو بيت عمّي كانت تُعمّق عزيمتي على أن أحيا بطريقة لا تشبه قسوته، وأن أظلّ، رغم الخوف، حياة: 

تلك الصغيرة التي لم يسمح لها القدر أن تكون طفلة، 

لكنها أقسمت أن تحفظ ما تبقّى من نورها في قلبها، ولو سرًا.

الورقة الثالثة

منذ اللحظة الأولى لخطونا عتبة بيت عمّي، أدركتُ أنّ البيت ليس بيتًا، بل فخٌّ متقن نصبه القدر، وأُجبرتُ أنا وأمّي على الإقامة فيه كقطعتين زائدتين في معادلة لا ترحم.
 خصّص لنا غرفة ضيقة، جدرانها 
رطبة، لا تُمسك سرًّا ولا تحفظ خصوصية.
 وزاد الطين بِلّة أنّه انتزع المفتاح وأخفاه في جيبه، ليقتحمها متى شاء، في أي ساعة، وبلا استئذان، كأنه يختبر مدى ضعفنا حين تُفتح الأبواب قسرًا
.

هناك، بدأتُ أتعلم مفردات الخوف المتواصل كما يتعلم الطفل الحروف الأولى.
 تسلّل القلق إلى روحي كما تتسلل الرطوبة إلى جدار يتجمع نزيز الماء تحته، لا تُرى في البداية، ثم تُترك ندوبًا لا تُمحى.
 كنت أقضم أظافري حتى ينضح الدم، أنتزع شعرات رأسي بعد أن أعقدها بين أصابعي بإلحاح، أجرح ساعدي بأي شيء حادّ يقع تحت يدَي.
 لم أكن أفعل ذلك رغبةً، بل استجابة غامضة يفرضها خوف نامٍ في صدري، خوفٌ جعلني أتمنّى، في لحظات يأس مضاء بكراهية، أن أتحوّل في عيني عمّي إلى وحشٍ يخشاه، لا طفلة يستسهل دهسها
.

وتعلّقتُ بأمي كتعلّق ظلّ بجسدٍ خائف. 
كنت أرافقها أينما ذهبت… في المطبخ، في الفناء، وحتى حين تتهيّأ للنوم. 
أعرف أنها لا تستطيع حمـايتي، لكن قربها كان يمنحني شيئًا الطمأنينة والأمان…
 بقايا حضنٍ لا يحول دون الشرّ، لكنّه يخفف وخزه، ويبعد عواقبه. 
ولهذا كنت أحمل معي دائمًا شيئًا خفيًا: 
مسمارًا صغيرًا، حجرًا بحافة حادة، قطعة حديد صدئة، شوكة… 
أي شيء يمكن أن يتحوّل في لحظة إلى أداة دفاع أو ربما إلى تميمة تمنحني وهم القوة كالحرز الذي شدته امي على ساعدي في اول يوم ذهبت به الى المدرسة ولازالت احمله
.

لم نكن نعرف لمزاجه توقيتًا. 
كان يخرج في ساعات مبكرة، ثم يعود فجأة في منتصف النهار، أو يدخل علينا ليلًا بعينين حمراوين تفحان شرّا، كأنّ الليل نفسه يتجسّد في موعد عودته. 
وهكذا عشنا في ترقّب دائم، في توترٍ يشدّ الأعصاب كما يشدّ القوس وتره
.

ثم بدأت تحرّشاته، واضحة، مقززة، لا يغطّيها حياءٌ ولا تسترها بذرّة رحمة. 
كان يسحبني من ذراعي بعنف لأجلس قربه، يتعمّد مراقبة فتحة صدري الصغيرة، يمدّ يده إلى أردافي حين يعلم أنني نائمة، أو يفتح باب الغرفة لحظة تغيير ثيابي استعدادًا للمدرسة. 
كانت عيناه تُعلن ما في نفسه قبل يديه. وكنتُ أعرف، بحدس طفلة خُدشت براءتها مبكرًا، أنّه ينتظر اللحظة المناسبة لارتكاب ما هو أفدح من اللمس
.

ولم يكن لديّ مخرج. فكرتُ أن أهرب إلى بيت عمّتي، لكنّها كانت نسخة أخرى من أخيها: بخلٌ، وجشعٌ، وخوفٌ أعمى من سطوته، فلا ملاذ هناك.
 حاولتُ التفكير بمن يمكن ان يصدقنا من الناس، معارف، اقرباء، جارة عجوز، معلمة في المدرسة، لكنّ الجميع كانوا يتجنبونه كما يُتجنَّب الوباء.
 وحتى لو كلمتهم، فلن يصدّقني أحد.
 بل ربما يُتهم جسدي الصغير بالعار، ويُلقى بي في أول مكبّ نفايات كما تُرمى الأشياء المكسورة
.

كان عمّي يُذكّرنا، كلما سنحت له الفرصة، بأنه “سترنا” من الشارع، وأنّ فضل وجودنا فوق أرض بيته يعود له وحده. 
يلوّح بالمهانة دائمًا كما يلوّح الظالم بسيفه، يريدنا ممتنّتين لظلمه، لاهجتين بمعروفه، ومدينتين لقهره حتى آخر العمر
.

وحين كنت أدفع يده عني أو أرفض الجلوس قربه، كان يهددني بحرماني من المدرسة، ذلك الملاذ الذي لم يبقَ لي سواه.
 يقول إنه سيحبسني في البيت، وإن عليّ أن أطيعه.
 وحين تتدخل أمي، راجيةً، يزداد غضبه حتى يكاد يفقد صوابه، ينهال علينا شتمًا وضربًا، كأن وجودنا خطيئة تُستوجب العقاب
.

ليالي كثيرة، كان النوم يجافيني خوفًا، فلا يغمض لي جفن إلا بعد أن أسمع وقع خطواته تغادر البيت. 
حينها فقط كان جسدي يرضى أن يستسلم للنوم تَعِبًا. 
كنت أدعو، بلسان طفلة لا تعرف سوى البكاء والدعاء، أن تحلّ به مصيبة تبعده عنا، أن يضلّ الطريق، فلا يعود أبدًا.
 لم تكن أمنية مبطنة بالحقد فقط، بل كانت محاولة للنجاة، محاولة يائسة للبقاء
.

كنت أتحيّن كل لحظة كي أتفادى ما قد يحدث، أنسلّ مبتعدة عن طريقه، أخفي جسدي في الظلال، وأتعلم، ما استطعت، أن أغدو أصغر ما يمكن، كأن الوجود يصير عبئًا يجب أن يُخفى. ومع ذلك، كانت هناك شرارة صغيرة في داخلي، لا تزال تقاوم. 

الورقة الرابعة

مرّت 

الشهور 

ثقيلةً 

كحجارةٍ تتدحرَج فوق صدري، أتحاشى وجودي في حضرته كما تتحاشى الظلالُ نوراً يحرقها. كنت أتقن فنّ التواري والاختفاء، أختبئ خلف جدران الصمت وأبواب غرفتي، أحسب أن العزلة قادرة على أن تُعمي عين الشرّ المتربّصة بي. لكن الشرّ يعرف أين يختبئ الخوف… ويعرف كيف به يتربص.

حلّ يوم ميلادي الحادي عشر، يومٌ ما كان ينبغي له أن يكون سوى فرح صغير لطفلةٍ تُطفئ شمعة وتسرح بخيالها. لكن السماء في تموز كانت قاسية، ترسل حرَّها فوق رأسي حتى شعرتُ أن وجهي يحمرّ كخبزٍ خرج تواً من فم التنور. عدتُ من المدرسة أجرّ قدميّ المتعبتين، وركضت إلى المطبخ لأسكب ماءً يُطفئ جمراً يشتعل في صدري قبل وجهي. وحين استدرتُ لأصعد إلى غرفتي وأستبدل ملابسي، وجدته يقف في باب المطبخ، يسدُّه بجثته كما يسدّ الغادرُ طريق نجاةٍ أخيرة.

كانت عيناه تنضحان بالدناءة، بريقٌ خبيث فيهما كأنهما ثقبان يقذفان شواظًا اسواداً. تجمّدتُ مكاني وسألته بصوتٍ مرتعش:
ـ عمي… أتريد ماء؟

لم يُجب. كان الصمت على لسانه أشدَّ رعباً من أي كلمة. تقدّم نحوي خطوةً بعد أخرى، كذئبٍ يقترب من فريسته وهو واثقٌ أن لا خلاص لها. صرخت: “ماما!” فارتدّ الصوت عليّ كأنه ضائعٌ في بئر مهجورة.

قال ببرودٍ يُشبه برد المقابر:
ـ أمُّك ليست في البيت… اهدئي وكوني عاقلة.

كنت أرتجف، لكن، ليس من الماء الذي بللت به يدي ووجهي، بل من شيءٍ أعمق: من إدراكٍ مفاجئ بأنني وحيدة تماماً. قلت له محاوِلةً أن أستجمع بقايا شجاعتي:
ـ إذن… اسمح لي أن أمرّ.
ـ سنخرج معاً.
ـ لا… أريد غرفتي.

كنت قد خططت في داخلي أن أهرب إلى الشارع، إلى أي ضوءٍ يحميني من هذا الظلام الذي يقف أمامي الآن. لكنّه لم يتركني أفكر طويلاً. قبض على ساعدي بقوة، يده كانت خشنة كيد جلاّد. لم أجد سلاحاً سوى كأس الماء إلى جانبي، فرفعتُه وضربتُ يده بكل ما في ذراعي الصغيرة من غضبٍ ويأس. صرخ، شتمني، رفع يده وصفعني صفعةً أطاحت روحي قبل جسدي.

نهضتُ 

كالغريزة، 

لا كالقوة. 

دفعته بكل ما فيّ من رمق نجاة، ركضت نحو باب البيت، كنت أسمع دقات قلبي أعلى من صراخي. أصرخ لعلّ الشارع يسمعني، لعلّ العالم يسمع طفلةً تُستباح. لكنه التقطني من شعري، سحبني كما تُسحب دمية قذرة. كنت أتلوّى تحت قبضته، مستعدةٌ أن أفقد شعري كله ولا أفقد نفسي.

كان بكائي يثير فيه وحشاً كامناً. فقلت له وأنا أرتجف كعصفور مبتلّ:
ـ عمي… أرجوك… أنا حياة، ابنة المرحوم أخيك. أستحلفك بالأخوّة… بالدم… لا تؤذني. أنا ابنتك أيضاً… أرحمني.

لكن الرحمة لم تكن ضمن معجمه القذر… 

رماني، وانا لا زلت أصرح، في زاوية غرفته كما يُرمى جرمٌ لا قيمة له، ثم أغلق الباب وأخفى المفتاح. التفت إليّ وقال بابتسامةٍ منتهكة للإنسانية:
ـ ومن قال إنك ابنة أخي؟ اسألي أمك عن نطفتك… أنتنّ بلا أصلٍ ولا نسب، ولولاي أنا، لكانت الشوارع مأواكنّ.

كانت كلماته أغلالاً تُلقى على روحي. حاولتُ أن أبحث عن شيءٍ أدافع به عن نفسي، حجر، قلم، أي شيء، لكنّه انقضّ عليّ ككلبٍ مسعور. مزّق ثيابي، يده تهوي عليّ ضرباً، وأنا أضغط أظافري في جلده، وأعض أي جزء منه في متناولي، أردّ الضرب بالضرب، كمن يدافع عن آخر نفسٍ في صدره.

دفعني بقوّة على حافة السرير، اصطدم رأسي بخشبةٍ بارزة منه، ورأيت العالم يُصبح ضباباً. ظلّه يقترب، يشتم، يربط يديّ بعمود السرير كأنني جارية في زمنٍ مظلم. وفي تلك اللحظة… مات شيءٌ كبير في داخلي. لم تكن مجرد لحظة اغتصاب… كانت لحظة موت.

وحين انتهى، سحب جسدي كما تُسحب الجثة، ورماني خارج الغرفة. كنت دماً بلا روح، أنفاساً متقطعة لروحٍ أُنهكت حتى النهاية.

ذلك اليوم… لم أنتهِ فقط. بل بدأتُ أفهم أنني أصبحت “عاراً” في عينيه، وأن سيف الموت قد ينهال عليّ في أي لحظة بذريعة غسل العار… فقط لأنني قاومتُ وصرخت.

يتبع


الحرزـ (6)

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.