صيغةٌ أخرى للبقاء

صيغةٌ أخرى للبقاء

صالح مهدي محمد

اللوح: الفنان المصري فاروق حسني

على شرفةٍ تعلّمتْ من الأعمدةِ معنى الوقوف،

يجلسُ المساءُ مرتّبًا،

كضيفٍ يعرفُ مكانه في القلب.

الفوانيسُ لا تُنير،

بل تُصغي،

وتتركُ للظلِّ حريةَ أن يروي ما نسيه الضوء.

النخيلُ حرسُ الذاكرة،

أكفٌّ مرفوعة

لا تطلبُ المطر،

بل تحفظُ الدعاءَ من السقوط.

في البعيد

تتدرّبُ الأهراماتُ على الصمت،

تعيدُ الزمن

حجرًا حجرًا

كي لا ينهارَ في الذاكرة.

الأقمشةُ على الأرائك

خرائطُ لرحلاتٍ لم تتمّ،

ألوانٌ تعلّمتِ الدفءَ

من اقترابِ الأجساد،

ومن الانتظارِ الطويل

لخطوةٍ لن تأتي.

النهرُ يمرّ هناك

كفكرةٍ هادئة،

لا يعترض،

يعرفُ أن العبور

ليس دائمًا انتقالًا؛

أحيانًا

هو مجرّدُ بقاءٍ

بشكلٍ آخر.

العمودُ لا يتباهى بنقوشه،

يعرفُ أن الجمال

حيلةُ الزمن

ليحتملَ نفسه.

والسقفُ العالي

لا يحمي من المطر فقط،

بل من الأسئلة

حين تشتدّ.

هنا،

كلُّ شيءٍ مؤجّل

إلّا الإحساس:

أنّ العالم،

لو جلس قليلًا

على وسادةٍ كهذه،

لنَسيَ الحرب،

وتذكّر

كيف يُصغي

إلى نفسه.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.