حنان عبد القادر

اللوحة للفنان الهولنـدي بِـيـت مـونـدريــان

(  !  )

لم أنتبه لها وهي تغزوني بتؤدة، فاجأتني بانتصابها في عناد، كيف باغتتني بموتي وحياتها ؟!.. مازالت تنشر أشرعتها في رأسي، تأكل أسودها الغض وتتركني للفزع والعد العكسي؛ مخبولون من رأوا الأجمل أبيض، يعيشون ترهة كبيرة، يدلسون فيها على أنفسهم، فلا يلفهم في ظلمة قبورهم إلاه … 

ها ها هه … مغفلون.. مازالوا يسمون مراكبه … وقارا.

(  !!  )

قرروا أن يمنحوني شرف الموت قريبا … 

كلهم يعدون لحدا يناسب إمكانات العائلة، وكبر (كرش) القاتل، لم يسألني أحد عن لون الحداد الذي أتمنى، لكنهم أجمعوا على الأبيض، لا بأس، لون حداد يفضله البعض، رغم أني أفضل الأحمر .. 

لا وقت للدخول في عقم الاعتراض، فكله موت.

أغرب ما في الأمر، إصرارهم على تشييع الجنازة بالدفوف .. ههههه … تقاليد … يالله! ماعادت تفرق.

في الوقت الموعود.. كفنوني.. كمموني بالأصباغ.. وضعوا ورودا كانت تشتهي الحياة لتحتضر في يدي وقالوا: سيري.

خطوات وألج العالم المحتشد على الضفة الأخرى … حثيثا أدخل القبر، تشيعني الزغاريد، أحتضن ورودا بلون كفني.. لنلفظ أنفاسنا معا.

( !!! )

ما كنت أعرف عن خيال الظل سوى يديها البضتين، حين يجمعنا سرير صغير في غرفة يتسلل وهن الضوء إليها قصدا؛ فأضطر إلى اتخاذ وثيرصدرها وسادتي، تلتمع عيناي وأنا أتابع ظلال ما تجسده بتلك البارعتين من شخوص تروي أحداثها بصوتها الرخيم.

تحملني روعتها بعيدا، أحلق في أكواني الخاصة فينساني النعاس، تمد بضتيها، تمسد جسدي المستلذ بلمساتها الحنون، تدغدغ بصيلات شعري، وتقرأ وردها … 

يسرقني نعاسي الوردي إلى بياض عالمها، أحلق فراشة تحط على زهور حكاياها.

ذات مساء، قصت لي قصة شيخ أبيض ذو لحية كثة ولمة ثلج، شواربه نهران فضيان، سيزورنا قريبا، قلت وهي تمد بصرها للانهاية. 

– لم يا جدة؟

– ليصحبني معه.

– تتركيني وحدي؟

– ياه .. الحياة يا بنتي جميلة، خضراء بلون عينيك، تمتلئ دروبها فراشات ملونة كفراشات حكاياتنا.

في الصباح .. لوحت لي وفي عينيها تسكن التماعة، وعلى شفتيها ابتسامة كاتساع الحياة، همست: لقد حضر.

 كان ثمة ضوء يكسو محياها.

• قصة
• سرد