انشطار

انشطار

أحمد فضل شبلول

اللوحة: الفنان البولندي أندرزيج مالينوسكي 

انشطرتْ روحي

فانشطرَ العالمُ عنكِ وعنِّي

فتعاليْ نبدأ في تمهيدِ الأرضِ

تعاليْ نبني كوخًا عند البحرِ

تعاليْ نبدأ رحلتنا خلفَ براءةِ حلمينا

فسلاحي حبي

زادي في قلبي

ونقائي ..

ـ في هذا الرجسِ ـ 

طفولةُ شفتينا

شعري ..

كلماتي ..

صمتي ..

دربي ..

بحرٌ من نورٍ في هذي الظلمِ

وكأنِّي ، وكأنَّكِ أسطورةُ صدقٍ تحيا في الديمِ

فتعالي نخرج من ثمراتِ القلبِ حدائقَ حبِّ

نطعمها للعالمِ 

نسقيها لجنودِ الأرضِ

وقادةِ أركانِ الحربِ

تعاليْ ..

طائرتي ..

ـ في معترك الدنيا ـ 

همسةُ شفتيك

قنبلتي ..

 ـ إن قامت حربٌ ثالثةٌ

رابعةٌ 

خامسةٌ ـ 

نظرةُ شوقٍ من عينيكِ

أعرفُ أني سأموتُ شهيدا

لكنْ يكفيني ..

أن الحبَّ سلاحي

أن عتادي من أجلكِ .. 

كان نقائي وصفائي

أن حنانك كان ضيائي

يكفيني إنْ متُّ شهيدا

أن تبقي رمزًا لطهارةِ بحري

أن ترتفعي وتضيئي كالفجرِ

يكفيني ..

ـ حتى إنْ عشتُ قليلا ـ 

أنَّ مدينتَنا باتتْ تحلمُ باثنينِ ارتحلا 

خلفَ براءةِ حلمِهما

أنَّ اثنينَ اتخذا الصدقَ سبيلا

لقضيةِ عشقهما.

***

انشطرتْ روحي عند الفجرْ

فوجدتُكِ تنطلقينْ

تبتعدينْ

ثمَّ تغوصينْ

فخرجتُ أفتشُ عنكِ

عن عينيكِ،

أسألُ أمواجَ البحرِ ،

طيورَ النورسِ ،

أسطولَ العينينِ القادمتينِ إلى الميناءْ

انشطرتْ روحي

فانطلقتْ روحُكِ تحت الماءْ

ـ وأنا محرومٌ يا قدري من لمسِ الماءْ ـ 

انشطرتْ روحي

فلماذا تنشطرُ الروحُ ..

وكيف يكون وضوئي عند الفجرِ ..

وكيف تكونُ صلاتي ..

ولمن أتطهَّرُ بعد الآنْ ..؟

عيناكِ الطاهرتانْ 

بهما سرُّ الأكوانْ

فلماذا انشطرتْ روحي قبل سماعِ القرآنْ .. ؟

هل يسمعني قلبُ الموج ..؟

هل يفهمني طيرُ البحر ..؟

هل ستعاودني الأصداء ..؟

عيناك الطاهرتانْ 

سرٌّ من أسرارِ الرحمن

وأنا مشطورُ الروحِ ومشطورُ الوجدان

في كلِّ ثواني العمرِ أنا في شان

والبحران المنسرحان

ـ عندي ـ لا يلتقيان

فلمن أتطهَّرُ بعد الآن ..؟

الفجرُ تنفَّسَ من رئتي

ثم ارتاحَ على الأجفانْ

فانشطرت روحي

فلماذا تنشطرُ الروحُ ..؟

لماذا الفجر تنفَّس هذي الليلة من رئتي ..

ولماذا ارتاحَ على الأجفان ..؟

باسم بحارِ الدنيا

باسم الشعرِ الساكنِ في لغتي العربيَّةِ

باسم الروحِ المشطورة في جنبيا

باسم الله

أدعوكِ الآنْ ..

لخروجكِ من أعماقِ الأزمانْ

لرجوعكِ للروحِ المحترقةِ في الأبدانْ

أدعوكِ الآنْ 

لزيارةِ نصفي المجروح

كلُّ تلالي الآن سفوح

فتعاليْ في الفجر القادم

كي ما تلتئم بقايا الروح.

رأيان على “انشطار

اترك تعليقًا على أحمد فضل شبلول إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.