آمن بفكرتك قبل أن تطرحها

آمن بفكرتك قبل أن تطرحها

الطيب عبد الناصر شوشة

اللوحة: الفنان السوري محمد الأحمد

إن إيمانك بأفكار معينة قد يجبرك أن تحارب من أجلها، وتواجه العالم كله بثبات، إما خاسراً أو رابحاً، فإن ربحت فيكفيك شرف الدفاع عما تؤمن به، وإن أثبتت التجارب خطأ موقفك فتلك فرصتك للبحث عن الصواب.

لكن أن تتصدر وتنبري لطرح قضية جوهرية دون أن تمتلك الأدوات المعرفية وآليات البحث والاجتهاد والمفاضلة بين الآراء، فهذا يعارض العقل والمنطق، فهنا يدخل الهوى الشخصي في القضية محل الخلاف وكما هو معروف “إن آفة الرأي الهوى”، فلابد أن تسعى وتجتهد وتتأمل كثيرا لفهم ما تريد، قبل أن تدلو بدلوك فيه حتى لا يكون نتاجك المعرفي ضحلا وسطحيا، فإذا كان حامل الرسالة غير واثق من أفكاره فكيف للناس أن يثقوا به ويصدقوه؟

جزء كبير من تبليغ الرسالة يحتاج الجرأة والتضحية ومواجهة الصعوبات، فكل أصحاب الأفكار والرسالات سلكوا طريق الموت، فالمحن والصعوبات التي واجهها النبي صلى الله عليه وسلم إنما كانت بسبب ما واجهته به قريش من وسائل وأساليب متنوعة في محاربة دعوته فاتهموه بالجنون: وفي ذلك نزل قوله تعالى: (وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) الحجر/6، واتهموه بالسحر، وفي ذلك نزل قوله تعالى: (وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ) ص/4، ومازالت أفكار الرسول تحارب من البعض حتى الآن فأبو جهل قد مات لكن الجهل لم يمت.

من دفعوا ثمن أفكارهم كثر فمنهم على سبيل الذكر وليس الحصر (تشي جيفارا، الحلاج، ناجي العلي، حسن البنا، سيد قطب، المفكر السوداني محمود محمد طه، فرج فودة، سقراط، الشاعر الألماني كولمان، الشاعر الأسباني لوركا، الفيلسوف الإيطالي غرامشي، البطل الليبي عمر المختار). وقد نلاحظ هنا تنوع مشاربهم وتوجهاتهم إلا انهم يجتمعون في إيمانهم بأفكارهم والاستعداد للتضحية من أجلها، ونحن نجل عند هؤلاء إيمانهم بالطرق التي سلكوها وبالقضايا التي آمنوا بها.

16 رأي على “آمن بفكرتك قبل أن تطرحها

  1. أحسنت النشر أستاذ طيب ،بالفعل لازم ولابد للإنسان صاحب الرسالات والأفكار الجريئة أن يكون جرئ قدر جرأة الأفكار ليستطيع مواجهة الناس بيقين وقناعة تامة عما يفكر به ،فإن كان حامل الرسالة غير واثق بأفكاره كيف للناس أن يثقوا به ويصدقوه. أحييك لأنك ذكرت نماذج مختلفة وأفكار لأشخاص لهم مشارب وتوجهات مختلفة .بالتوفيق والنجاح صديقي الطيب .

    إعجاب

  2. مقال جميل وموضوع تبادل وجهات النظر موضوع مهم.
    وعلى المسلم ان يكون كيس فطن يبحث عن الحق والحقيقة دون الانغلاق والتمترس خلف التحزب والمذهبية والدوغمائية والأيدولوجيا.
    كما أن قناعات الانسان الطبيعي تتغير مع الوقت والنضج والخبرة وما كان يراه الحق منذ سنوات قد لا يراه كذلك بعد ان علمته الايام والتجارب والقراءات وعليه أن يعترف بذلك ويمكنه ان يغير رأيه دون خجل لان الثبات احيانا يعني الجمود وعدم التطور.
    أحيانا تكون آفة الرأي الهوى والانتصار للأيدولوجيا والقناعة الشخصية على الدلائل والبراهين والحجج.
    الإنسان صاحب الضمير المتيقظ يستمتع برحلة البحث وليس بالنتائج فهو يستمتع بالطريق ولا يكترث ماذا سيجد في آخره.
    موضوع الحوار موضوع مهم ويقي المجتمعات شر العنف والتطرف ويحرك المياه الراكدة لأن هذا الجدل الإنساني مهم لتطور وتحسين المجتمعات وتطورها وإلا تصاب بالجفاف والجمود والارتكان للماضي ولا تواكب عجلة الحضارة الإنسانية لكننا في مجتمعاتنا نشخصن الآراء ونكمم الأفواه ثم نسأل عن أسباب العنف والتطرف.

    إعجاب

  3. شكرا جزيلا لكل أصدقائي الأعزاء، محمد رفاعي ، مصطفي يس ،محمد عبداللاه ، فاطمة عبدالفتاح، اسماء الدعاس ، لارا النجار ، وصديقي الغير معروف كنت عاوز اعرف اسمك عشان اشكرك بالإسم. كل الحب والاحترام المتبادل لكم أصدقائي ❤

    إعجاب

  4. جميل جدا كباقي جميع كتاباتك … من حيث للفكرة والطرح والمضمون وحتى الأمثلة المستشهد فيها على اختلاف افكارهم ورسائلهم والتي ان دلت على شيء دلت على الموضوعية في الطرح وعدم التحييز
    تسلم أيدك

    إعجاب

    1. بالفعل لا يمكن للفكره النماء دوان الإصرار عليها فالدفاع والثبات والصدق والمثابرة هم بمثابة الارض الخصبه لنمو ثمار الأفكار والطموحات البنائه كما طرحت في الامثله
      احسنت النشر جزا الله المسلمين عنك خير ❤️

      إعجاب

  5. جميل جدا ما طرحت والأمثلة الواقعية المحايدة الي استعنت فيها … الفكرة او الرسالة اذا انت مش آمن فيها مستحيل بل ومن سابع المستحيلات انه تنهض فيها وتوصلها

    إعجاب

  6. أحسنت يا طيب مقال جمييييل. والكارثة حينما يكون حامل الرسالة شخصية إزدواجية!! مضطربة.. نرئ فيه شخصيتان 😁 او يبطن شيء ويطهر لنا بشيء آخر عندها لن تكون لرسالتة اي مصداقية او معنى او قيمة..
    وكما ذكرت يا طيب
    فأبو جهل قد مات لكن الجهل لم يمت.
    ومجتمعنا الإسلامي قبل العربي للأسف فيها نماذج تتصف بالجهل وتعكس الجاهلية.
    وكل عام وانت بخير 🌙

    إعجاب

  7. من تجربتي اى انسان تمسك بفكره او عمله سوف ينجح حتى لو كان فيه صعوبات بس يكون لا يخالف الدين او العرف

    إعجاب

  8. الدفاع عن الفكرة يحتاج إلى مقومات وآليات متجددة ومتنوعة حتى نثبت فعاليتها والأمل في ذلك مرهون بقوة إيمانك بها ..
    المجتمع والناس قد يمنحك ميزة رغم صعوبة ذلك باختلاف ثقافتهم وهي بالفعل بمثابة حرب.

    إعجاب

  9. إذا كنت تريد أن تغيّر أي شيءٍ في حياتك، سواءً كانت أشياءً كبيرة أم صغيرة، يجب عليك أوَّلاً أن تغيّر طريقة تفكيرك وأن تتحرّر من طرق التفكير القديمة أفضل طريقةٍ لذلك أن تنظر إلى المواقف من وجهة نظر مختلفة وأن تتبع مناهج أكثر إبداعا في التفكير. إذا كنت مستعدا للتغيُّر وتحسين حياتك كرائد أعمال.

    إعجاب

  10. بالفعل إيمانك بما تدعوا له وثباتك على مبدأ الرسالة التي تسعى إليها قد يكون حرب، حرب منك أنت شخصيًا قبل الأخرين حرب في مدى تحملك لمصاعب الطريق التي تسلكها لتوصيل ما تؤمن به حرب من الأخرين في عدم تقبل الفكرة والإيمان بها، حرب على ثباتك على تلك الفكرة وحقيقتهاوقد لخصها الأبنودي عندما سُأل عن فترة السجن قال هنا تقف مع نفسك هل كنت محقًا أم مخطأ فيما أنادي به، أبدعت في الفكرة والطرح موفق دائما أبوشوشة

    إعجاب

اترك تعليقًا على Asmaa إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.