قدم متسخ

قدم متسخ

فردوس عبد الرحمن

اللوحة: الفنانة السورية فاطمة عبدالله لوتاه

أمشي على شريط أبيض

وأحياناً.. أرقص مع نغمة بيضاء

وأحط في نومي.. على بقعة بيضاء

وليس لي ظل أستريح فيه من الأبيض

كان الأبيض صديقي

حتى العمال يأتون في الشتاء..

 ويطْلون أحواض الزهور بالأبيض

وسيقان الأشجار بالأبيض

ويرشون ما تبقى من بياض على قمصاننا

البياض نعمة.. 

عندما يستولي عليك ترى

 الحمير بيضاء والكلاب بيضاء 

والأصوات ـ أيضاً ـ تصير بيضاء

عندما يستولي عليك تكف

 عن الغضب 

في الفراغ المعلق كانت أقدامنا ممحوة 

ولم يكن غير نسيم خفيف يحملنا

كنا ناصعين لدرجة أن نسيماً خفيفاً يحملنا

إلهي إلهي لمَ شبحتني

قلت ذلك بعد أربعين سنة

بعد عمر طويل من البياض

أريد قدمي المعلقة وأريد عظاماً

إصنع لي عظاماً يارب أمشي بها على الأرض 

هَبْ لي ثقلاً 

أشتاق لصراخ حي

سوف تكون الضحكات ميتة 

إن لم يكن هناك صراخ

والخفة تصير عدماً

أنا في العدم يارب.. 

فضع حجراً في روحي

*** 

أمشي الآن بلا بياض

على مقلب الأرض أمشي 

وسط الدخان والحقيقة الكافرة

ربما لذلك صرت أغضب

اقترب الناس واقتربت الأبنية واقترب الموتى 

فصرت أغضب

الاقتراب بلوتنا

من زمان وأنا أرقب قتلى من مسافات بعيدة

في البعيد جداً.. 

تستطيع أن ترى الموتى نقاطاً بيضاءً 

وفي البعيد.. 

يبقى جسدك دون ألم

 أو شبق

إلهي إلهي لم شبقتني

أنا ثقيلة الآن

ثقيلة جداً ومتسخة قدماي

ومع ذلك أفعل ما علىّ 

وأسير برأس بيضاء

أمشي برأس ممحو أبيض

كي أتسع

لسواد شعري واتساخ قدميّ

أنا أمحو لأ تسع

ولا أعرف إن كان مجنون يدفعنى من الخلف

الناس كثيرة هنا وبهم مجانين

رأيت سماءً تطلع من عيونهم

وسماءً تمشي في الشارع 

وسماءً تزحف إلى السماء

السماء بيضاء كما تعلم يارب

السماء بيضاء.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.