عن الشعر والشعراء نتحدث

عن الشعر والشعراء نتحدث

جولييت المصري

اللوحة: الفنانة الإيرانية هدى قادري

يغادر الشعراء ويخلّفون وراءهم أتراحهم وأفراحهم، نزواتهم وشطحات أفكارهم، يصوغونها في لغة تحمل من طاقات أنفسهم ما تحار اللغة أحيانا في كيفية حملها، وبعضهم كالفلاسفة، لا يفهمهم قومهم، ويعرضون لهم بالقول والتأويل، في الأسطر القادمة، سنعرض بعض ما قيل في الشعر والشعراء.

ما قيل في الشعر:

  • ليس الشعر رأياً تعبر الألفاظ عنه، بل أنشودة تتصاعد من جرح دام أو فم باسم. (جبران خليل جبران)
  • لا يزال الشعر عاطلاً حتى تزينه الحكمة، ولا تزال الحكمة شاردة، حتى يؤويها بيت من الشعر. (أحمد شوقي)
  • الشعر وردة الرياح، لا الريح بل المهب، لا الدورة بل المدار. (أدونيس)
  • الشعر لا يعبر عن عاطفة، إلّا بعد أن تسكت ثورتها ويهدأ انفعالها. (نجيب محفوظ)
  • إنّ الشعر غاية إنسانية بالدرجة الأولى، ويكفيني فرحاً أن أستمر في كتابة الشعر حتى مماتي. (الشاعرة البولندية فيسوافا شيمبورسكا)
  • الشعر هو فن جمع المتعة بالحقيقة. (الأديب الإنجليزي صمويل جونسون)

وللشعراء في الشعر أبيات وأقوال:

يقول طرفة بن العبد:

ولا أَغير على الأشعار أسرقها

عنها غَنِيتُ وشرُّ الناس من سرقا

وإن أحسن بيت أنت قائله

بيتٌ يقال إذا أنشدتَه صَدَقا

غير أن البيت الثاني ورد أيضًا في شعر حسان بن ثابت، ويبدو أنه استحسنه فاستعاره من طرفة، يقول:

وإنما الشعر لبُّ المرء يعرضه

على المجالس إن كَيْسًا وإن حُمُقا

وإن أحسن بيت أنت قائله

بيتٌ يقال إذا أنشدتَه صَدَقا

ويصف أبو تمام الشعر بقوله:

حسنُ هاتيكَ في العيون وهذا

حسنه في القلوب والأسماع

يصف أيضا علاقة الشعر بالمكارم:

ولولا خِلالٌ سنّها الشعر ما دَرى

بُغاةُ العلا من أين تُؤتى المكارمُ

يُرى حكمةً ما فيه وهو فكاهةٌ

ويُرضى بما يَقضي به وهو ظالم.

أما ابن الرومي فيقول:

أرى الشعر يُحيي الناسَ والمجدَ بالذي

تُبقّيـه أرواح له عطراتُ

وما المجدُ لولا الشعرُ إلا معاهدٌ

وما الناس إلا أعظم نخرات.

ويقول أبو فراس الحمْداني في تعريف الشعر:

الشعر ديوان العرب 

أبدًا وعنوان الأدب

لَمْ أعْدُ فِيهِ مَفَاخِري 

ومديحَ آبائي النُّجُب.

كما يفخر المتنبي بقوله الشعر واصفا إياه:

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي 

وأسمعت كلماتي من به صمم

وعند شعراء العصر الحديث، نجد لشوقي وصفا للشعر يقول: 

والشِّعرُ إن لم يكن ذكرى وعاطفة

أو حكمة فهو تقطيعُ أوزانِ

ويقول عبد الله البردوني

جلت هموم الشعر، إنّ دموعها 

فن يدير من الدموع مُداماً.

ونجد أبا القاسم الشابي يصفه بقوله

يا شعرُ أنت فمُ الشُّعورِ

وصرخةُ الرُّوحِ الكئيبْ

بينما نجد نزار قباني يكثر في شعره الحديث عن الشعر ووصفه فيقول

الشِّعرُ ليس حماماتٍ نُطيِّرُها

فوقَ السَّماءِ ولا نايًا وريحَ صبا

لكنَّهُ غضبٌ طالت أظافرُهُ

ما أجبنَ الشِّعر إن لم يركبِ الغضبا

وفي قصيدة أخرى يعبر عن موقفه من الشعر، ودوره

الشعر رغم سياطهم وسجونهم

ملك وهم في بابه حجّاب

من أين أدخل في القصيدة ياترى؟

وحدائق الشعر الجميل خراب

لم يبق في دار البلابل بلبل

لا البحتري هنا ولا زرياب

شعراء هذا اليوم جنس ثالث

فالقول فوضى والكلام ضباب

يتكلمون مع الفراغ فما هم

عجم إذا نطقوا ولا أعراب

اللاهثون على هوامش عمرنا

سيّان إن حضروا وإن هم غابوا

***

من أين أدخل في القصيدة يا ترى؟

والشمس فوق رؤوسنا سرداب

إن القصيدة ليس ما كتبت يدي

لكنها ما تكتب الأهداب

ما لشعر؟ ما وجع الكتابة؟ ما الرؤى؟

أولى ضحايانا هم الكتاب

يعطوننا الفرح الجميل وحظهم

حظ البغايا ما لهن ثواب.

ومن هنا أحالنا الشاعر المتمرد نزار قباني للحديث إذن عن الشعراء وما قيل فيهم، وفي ما يلي نستعرض بعضا من تلك الأقوال:

يقول الشاعر الإسباني سرفانتس مشيرا إلى أهمية الموهبة، وطبيعة الشاعر: 

الشاعر يولد من رحم أمه شاعراً.

ويقول الكاتب الفرنسي جان كوكتو: 

الشاعر لا يطلب الإعجاب أبداً، بل يود أي يصدقه الآخرين.

ويخاطب الشاعر الألماني يوهان جوتة الشاعر قائلا: 

إن حسبت نفسك شاعراً، فاملك ناصية الشعر، أنت تعرف ما نحتاج إليه، نحن نريد أن نرتشف شراباً قوياً، فأعد لي منه على الفور.

ويقول الشاعر الداغستاني رسول حمزاتوف:

إنّ الشعراء ليسوا طيوراً مهاجرة، والشعر دون التربة الأم، شجرة بلا جذور وطائر دون عش.

ويقول شوفالييه دو بوفور:

كما يحتاج الليل إلى نجوم، كذلك يحتاج المجتمع إلى شعراء. 

أما أبو منصور الثعالبي فيقسم الشعراء لأربعة أنواع يقول: 

الشعراء فاعلمنَّ أربعه 

فشاعر يجري ولا يُجرى معه

وشاعر من حقه أن ترفعه 

وشاعر من حقه أن تسمعه

وشاعر من حقه أن تصفعه

وقال لبيد بن أبي ربيعة:

الكلب والشاعر في منزل

فليت أني لم أكن شاعرا

هل هو إلا باسط كفه

يستطعم الوارد والصادرا

وقال الفرزدق:

أنا الشاعر الحامي حقيقة قومه

ومثلي كفى الشر الذي هو جارمه

وقال إلياس حبيب فرحات:

كم شاعر يسمو بغير

جنى قريحته قريضه

كالطير تحضن كل بيض

ليس تسأل من يبيضه

وقال جميل صدقي الزهاوي:

إن بيتين من الشاعر إن كان مجيدا

قد يثيران شجونا فيفوقان قصيدا

وقال خليل مطران:

الشاعر الحق من يجلو الشعور له

شمسا من الوحي في داج من الظلم

فخاره حيث يلقى رحمة وهدى

وحيث ينهى عن الأهواء والنقم

وحيث يحمي من ضلة وأسى

وحيث يدعو إلى الأخطار والعظم

تلك جولة طائر يحلق فوق حقول ممتدة، ولا يعرف أين يحط رحاله، فاكتفى بأخذ زوادة قليلة من بيدر عامر؛ لتعينه على الطيران.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s