كتب صديقي الدكتور مصطفى رجب (دكتوراه في أصول التربية وأخرى في الأدب) على صفحته بالفيس بوك منذ شهور في لفتة من لفتاته اللغوية ما مفاده أن قولنا: (مما يؤسف له) خطأ والصواب ان نقول: (مما يؤسف عليه) لأن الفعل (أسف) يتعدى بحرف (على) وليس بحرف (اللام)، ولأني أثق بمعلومات صديقي اللغوية فقد حرصت منذ ذلك الوقت على تجنب استخدام: (مما يؤسف له) في كلامي وكتابتي واعتماد: (مما يؤسف عليه).

ولكنني في أثناء تنقيبي بكتب الأدب واللغة وجدت شواهد لشعراء وعلماء كبار على جواز أن نقول: (مما يؤسف له) دون حرج وإن لم يوافق المتشددون على ذلك بحجة أن الشواهد لا تنتمي إلى عصور الاحتجاج اللغوي، ومن تلك الشواهد ما جاء في كتاب «محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء» للراغب الأصبهاني كقول الشاعر:

إذا أبصروا حالي ولم يأسفوا لها

ولم يأنفوا منها أنفت لهم مني

وقول مهيار الديلمي في ديوانه:

أسفت لحلم كان لي يوم بارق

فأخرجه جهل الصبابة من يدي

وقول الإمام ابن حزم الأندلسي في كتابه «طوق الحمامة في الألفة والألاف»:

فيا عجبا من آسف لامرئ ثوى

وما هو للمقتول ظلما بآسف

وقول الإمام أبي علي القالي في نوادره:

فوجد زوجته الثانية قد ماتت حزنا عليه وأسفا لفراقه. 

وقول أبي علي المرزوقي في «شرح ديوان الحماسة»:

لا آسف لما أرى من الحرمان أسف من يبكي ويبكي غيره.

وقد اعتمد مجمع اللغة العربية بالقاهرة جواز أن نقول: «مما يؤسف له» بنفس معنى «مما يؤسف عليه» فجاء في الجزء الأول من المعجم الكبير: 

أسف له أسفا وأسافة: تألم وتندم.

*** 

الجُمل بعد المعارف أحوال وبعد النكرات صفات، أي أن الجملة سواء كانت فعلية أو اسمية إذا جاءت بعد اسم معرفة فإنها تعرب حالا، وإذا جاءت بعد اسم نكرة تعرب صفة.

يردد كثيرون ذلك على أنها قاعدة نحوية وهي بالفعل كذلك، ولكن ليس على الإطلاق، فإن الجمل التي تأتي بعد الاسم المحلى بأل الجنسية يجوز أن تعرب حالا أو صفة كقولك: يعجبني الزهر تفوح رائحته فجملة (تفوح رائحته) لك أن تعربها حالا ولك أيضا أن تعربها صفة ومثلها جملة (يسبني) في قول المتتبي:

ولقد أمر على اللئيم يسبني

فمضيت ثمت قلت لا يعنيني

وكذلك الجمل التي تجيء بعد نكرة مخصصة (تخصيص النكرة يكون بالوصف أو بالإضافة) يجوز أن تعرب حالا أو صفة كقولك: رأيت غرابا كبيرا يطير فجملة (يطير) لك أن تعربها حالا أو تعربها صفة.