د. سامح درويش
اللوحة: الفنان الروسي قسطنطين كوروفين
(1 )
عاداتنا تصنع ذكرياتنا
و ذكرياتنا ترف حولنا
من الأمس البعيد للغدِ
و حلمنا ذكرى غدٍ
تجيئنا اليوم بغير موعدِ
( 2 )
منازلٌ قابعةٌ على ضفاف النهر
قد غادرها الأهل
و هاجروا
و فضَّلوا المنافي و الشتاتْ
منازلٌ خلت
خلا من ذكرياتْ
( 3 )
كنتُ هنا
وامرأة بجانبي
ترقد في سكونها
ضممتها
مع التفاف الغصن
في عناقه لظله على الشجرْ
قبلتها
حتى انتشى معى النهَرْ
كانت كعاداتي التي أدمنتها
و لم أعد أقدرأن أبعد عن مكانها
لكنني هجرتها
في لحظة
قدأجبرتني للسفرْ
( 4 )
كوردة وحيدة
حزينة
من أحرف اسمها نمت
و أورقت على جدار القلب
عشقاً فائراً
تنبض فيه الأمنيات
حملتها بداخلي
مع الذي حملته من ذكريات
( 5 )
منازلٌ يطيب لي مزارها
لكنها
تبعد عني كل يومٍ
لي من الأسباب
مايربطنا
و لي من الأسباب
ما يفصلني عنها
و ها أنا
أؤجل العودة للشط البعيدْ
لبيتيَ الراقد
عند ضفة
تمر من أمامها مويجةٌ
ترقص فوق صفحة هادئة
لها شهيقها . . زفيرها
و خفقة كخفقة الوريدْ
أؤجل العودة
في انتظار موسم
يعود فيه الخبز و العصيرْ
تفوح فيه شهوة للزهر و العبيرْ
و نسمة الحرية الشماء
تعلو بالنشيدْ
و النهر هادر
و موجه يثورْ
هل يرحل الحزن الذي
قد سكن المنازل المهجوره
هل يرجع الذين هاجروا
و تستريح الأنفس المقهوره
( 6 )
منازل لها منازل
على ضفاف نهر
حار في حالاته لب الوجود
نأت . . و غابت في غياباتٍ
من القهر المَريد
منازل لها منازل
بها عاداتنا . . و ذكرياتنا
متى لنا تعودْ ؟ !
متى لها سوف نعودْ ؟!