فواز خيّو
اللوحة: الفنانة الإسبانية أنابيل أندروز
انتهت المرحلة الابتدائية، وما إن بدأنا في مرحلة الدراسة الإعدادية عام 1973 حتى اشتعلت حرب تشرين بين سورية ومصر من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، وشاركت بعض الدول العربية بقوات رمزية، عدا المغرب والعراق فقد شاركا بأكثر من لواء.
كنا على موعد كل صباح مع غارات الطائرات الإسرائيلية على مطار خلخلة القريب من قريتنا، وكنا نتابع سقوط بعض الطائرات الإسرائيلية بصواريخ سام 6 التي أثارت الخوف وخلخلت الموازين في الحرب، وخاصة مع التقدم الكبير للقوات البرية السورية والمصرية، ريثما استعادت اسرائيل أنفاسها بعد هضم الصدمة الأولى، ثم استعادت معظم ما خسرته على الجبهة السورية، خاصة بعد أن أوقف السادات الهجوم بعيد معجزة عبور القناة وتحطيم خط بارليف، بجهود الجيش المصري العظيم وقيادة الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس الأركان ورفاقه مثل عبد الغني الجمسي وغيرهم.
قال السادات وقتها: أردناها حرب تحريك وليس حرب تحرير.
كانت الحرب مُتفّقا عليها بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، للضغط على اسرائيل لدفعها إلى طاولة المفاوضات، مع إعطاء نصر جزئي لسوريا ومصر، وثمة خطوط لا يُسمح باجتيازها. هذا ما ألمح إليه محمد حسنين هيكل.
ما أقسى أن يقاتل العسكري في المعركة بينما السياسي وحده من يحتكر تحديد آفاقها وحدودها ولا يُخبره.
كانت فضيحة اختراق الدفرسوار وعرقلة التصدي لها في البداية، وإصرار السادات على التوجه إلى المضايق مع عدم وجود تغطية جويّة تصرّفا مدروسا للضغط على قادة الجيش، خاصة بعد توسّع الخرق ليتم تطويق الجيش الثالث المصري، وعبرت دبابات اسرائيلية كثيرة إلى غرب القناة، لوقف إطلاق النار والانتقال إلى طاولة المفاوضات، في حين كان القادة في نشوة معجزة العبور، وقادرين على التوغل شرقا حتى حدود غزة 1967.
كادت هذه اللعبة الساداتية أن تُفرغ كل إنجاز الجيش المصري العظيم من زخمه، وتُحوّله إلى هزيمة.
وفي سوريا اخترق الجيش السوري خط آلون، وقاتل ببسالة، وتوغّل في الجولان المحتل حتى بحيرة طبريّا، ولكن حين استراحت اسرائيل على الجبهة المصرية حولت ضغطها إلى الجانب السوري واستعادت كل ما خسرته، وفي خرق توغلت حتى سعسع على بعد 40 كم من دمشق، لكن القوات العراقية تصدت للقوات الاسرائيلية ببسالة وتراجعوا، وفي النهاية انسحبت من مدينة القنيطرة بعد أن دمرتها، وما زالت ركاما لأنها منزوعة السلاح، والدخول إليها يحتاج موافقة مفرزة الأمم المتحدة.
من رواية «تقرير إلى غودو» (تحت الطبع) للكاتب السوري فواز خيّو