أحـيــان!

أحـيــان!

د. سالم عباس خدادة

اللوحة: الفنان الألماني غيرهارد ريختر

حينما أسمع صوت الطائرة

يسكب الناي بقلبي

كل أحزان العصور الغابرة

* * *

حينما أبصر شكل الطائرة

أبصر الغابة في الليل

وقد مدت جناحين

على مسرح روحي

وعلى زهرة عمري الناضرة

وعلى غصن فؤادي

ناعق وحش ينادي:

أنا من يكسر أيام الصفاء الماكرة

* * *

حينما أدخل من باب المطار

تصرخ اللوعة في الروح

إلى أين؟

ومن أين الفرار

ذكريات تهرس القلب

على شوك الثواني

في سديم الانتظار

فهنا طار حبيبي

ثم طار

* * *

حينما أمسي بجوف الطائرة

أحس أني أختنق

في المقعد الحزين

فالذكريات الجائرة

تنثال فوق مهجتي

من أول الحنين

لآخر الأنين

هذا المكان قاهر

والذكريات قاهرة

* * *

حينما زرت حبيبي

هزني صوت نشيج الطائرة

نظرت في السماء

رأيتها تعبر فوق قبره

مع الغيوم العابرة

فمن ترى قائدها؟

وهل درى بأنه الآن يمر

فوق من كان جليساً معه

يروى له بعض الحكايا الساخرة

ويشربان الشاي ممزوجاً بروح ظبية

قد وطئت من غنج

للجذب والمناورة

هل الذي يشرب في هذي الثواني شايه

يخرج من نشوته؟

أم أنه…

ثم تمر الطائرة

ثم تليها طائرة

وليس لي إلا سنا اليقين

يشد أعطاف الدنا بالآخرة

ووحده يشفي جروحي الغائرة

ووحده يهدي سفيني الحائرة

ووحده في الروح يشدو دائماً:

يا أحمد الحبيب

يا من تصوغ الذاكرة

نم هانئاً

فنحن نجري نحوك الآن

وكالبرق سيمضي العمر في ركب الحياة الغادرة

نم هانئاً

فالأرض ما زالت تدور بالردى

ولن نكون يا حبيبي أبدا

خارج هذي الدائرة.

رأي واحد على “أحـيــان!

اترك تعليقًا على غير معروف إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.