د. سامح درويش
اللوحة: الفنانة الاوكرانية ناتاليا أميروفا
والتقينا .. والثلج يهمي علينا
وجناحانا.. رفرفات عنادِ
تضرب الريح، والرياح عوات
مرهقاتٌ ، والموج كالأطوادِ
ياصديقي ، مهاجريْن التقينا
في بحار الشمال بعد البعادِ
رحلتي لم تزل ، ودربي طويل
وعلى الدرب أغنياتيَ زادي
ياصديقي ، مازلت أحمل جرحاً
ينزف النور من صميم فؤادي
حمَّلتني الأيام فوق احتمالي
ورمت بي – حيران – في كل وادي
باحثاً عن ذاتي ، وعن أمنياتي
لاهثاً بين واقعي ، ومرادي
أيها النورس الحبيب بأعماقي
نار ، تمور تحت الرماد
وانفعالات خبَّأتها عيون
ترمق الأفق ، جامدات ، صوادي
ترقب الآتي ، في غد قد توارى
خلف أفْق مموَّه الأبعاد
دمعها قد تجمّد الحزن فيه ،
وأسى أمة العروبة بادي
همها جرح – هل له من شفاء ؟ –
دائم النزف ، دائم الاتقاد
قدري أن أكون منها ، وأمضي
حاملا جرحها … و ما من حياد
***
هاهنا قد أتيت أحمل جرحي
… وأباهي .. بما بنى أجدادي!
أحمل العز فوق ظهري تواريخ
تسامت بأروع الأمجاد
يا بلاد الشمال جدّيَ فرعون ..
و جدّي الرشيد … وابن زياد
و أنا ..! من أنا ؟! و ما حاضري ؟!
.. يوم جريح ، و خطوة في ارتداد
***
آه يا صاحبي بعينيك نور
دافئ الومض من سماء الوادي
يحمل الذكرى من ضفاف تناءت
عن عيوني ، ولم تغب عن فؤادي
مصر في قلبي ، في دمي ، في ابتسامي
في انفعال الأعصاب ، في إنشادي
هاهنا مصر أغنيات حضارات
أنا منصت لها في اعتداد
يكبر الغرب لحنها ، و صداها
و يرى ظل أمسها في امتداد
هل تعيدين ياكنانة مجدا
ضائعا في الصراع ، والأحقاد؟
مصر .. يامصر أرجعي الخصب
للعُرْب فأيامهم حصاد القتاد
مصر .. يامصر أرجعي المجد
إنّا قد سئمنا الحياة مثل الجماد
***
أيها النورس الحبيب التقينا
و جناحاك لحن عشق معادِ
وبعينيك ذكريات صبايَ
العذب ، نور يضيئ ليل البعاد
ظل أمسي الجميلِ فيها ، وجهلي
و أمانٍ جديدة الميلاد
وخطايَ الأولى ، وكنت تراها
عاثرات على ثرى ( بورفؤادِ )
***
ها هنا في الميناء دمع ، و فرْح
ومناديل لوَّحت ، وأيادي
وأنا واقف ألوِّح للمجهول
وحدي ، وللبعيد أنادي
وصفير السفين ينذر بالرحلة
في أبحر من الآماد
وعلى الشاطئ الغريب تلاقت
ذكريات أيقَظتها من رقاد
فكأني قد عدت في لحظة اللقيا
.. لبيتي … و مرفأي .. و بلادي