اللوحة: كاريكاتير للفنان السوري ياسين خليل
ماهر باكير دلاش

1
لَا تَذْكُرُوا لِي “غَزَّة” لِأَنَام
فَمَا “غَزَّة” سِوَى وَكْر أشباحٍ،
فَلَا تُقْلِقُوا عِظَامَ الْمَيِّتِين
لَا تَذْكُرُوا لِي “غَزَّة” لِأَنَام
فَمَا “غَزَّة” سِوَى قِطَاعٍ صَغِيرٍ
فَلَا تُقْلِقُوا عَقُولَ الخانعين
وَلَا تَذْكُرُوا لَيْ صَارُوخَ “غَزَّة”
فَهُوَ صَرْخَةٌ تُزْعِجُ النَّائِمِين
2
لَا يُضِيرُنَا إِنْ أَكَلَ السَّبُعُ
أَجْسَادَهَمْ، وَلَا حتَّى
الطُّيُورُ جَارِحَة السِّنِين
أَتَتْرُكُونَ الضواري جَائِعَةً
وَنَحْنُ يُتْخِمُنَا غُبَارُ السِّنِين!
لِتَأْكُل السِّبَاعُ وَالْوُحُوشُ
وَالْيَهُودُ وَكُل جَائِعٍ حَزِين
3
لَا تَعْنِينِي غَزَّةَ وَلَا حتَّى
فِلَسْطِين
وَلَا حتَّى الْقُدس وَلَا جنِين
إِنِّي لَا أَعْرِفُهَا، لَا أَذْكُرُهَا
فَقَطْ أَرَاهَا عَلَى مَنَابِر
الْآخَرَيْن
أَرَاهَا فَقَطْ عَلَى الشَّاشَاتِ
نَادِيَة الْجَبِين
4
لَاجِئًا كُنْتُ يَوْمًا مِنْ اللَّاجِئِين
وَالْيَوْمَ أَنَا أَيْضًا لَاجِئٌ مِنْ اللَّاجِئِين
جِئْتُ أَبْحَثُ عَنْ قُبُورِ أَجْدَادِي اللَّاجِئِين
فَهَلْ بَاعُوُا أَيْضًا قُبُورَ اللَّاجِئِين؟
5
رَحِمَ اللَّهُ ابْنَ الْخَطَّابِ
وَوَرَيْثَ الْكَرَامَةِ صَلَاح الدِّينِ
طَائِرُ الفينيق أَنَا فِي زِيِّ
لَاجِئٍ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِين
بِكِسْرَةِ خُبْزٍ وَقَطْرَةِ زَيْتٍ
وَحَفْنَةٍ مِنْ ذُرَةٍ وَطَحِين
وَبَعْضًا مِنْ كَرَامَةٍ وَجُوعٍ
وَبُكَاء فِي الصَّدْرِ دَفِين
6
هَلْ مَاتَ بَحْرُ “غَزَّة”
وَغُيِّبَتْ أَمْوَاجهُ فِي نَوَافِذِ
فَجْرٍ مُهِين؟
هَلْ ذَوِى بَحْرُ “غَزَّة”
كَمَا تَذوِي الزَّنَابِقُ مِنْ
مُعْتَدٍ لَعِين؟
7
أَنَحْنُ اٌمَّةٌ سَهِرَتْ تَبْحَثُ
فِي الظَّلَامِ عَنْ يَقِين؟!
أَمْ أُمَّةٌ نَقَشَتْ تَارِيخِهَا
عَلَى جِدَارٍ مِنْ طِين؟!
ثُمَّ تَمَلْمَلَتْ فِي نَوْمِهَا
قَلَقًا مِنْ هِيِنٍ رَثِين
8
أَنَسِينَا قِصَّةَ الْوَحْيِ
وَالْغَارِ
وَنَسِينَا تَارِيخَ أُمَّةٍ
لَيْسَ هَجِين؟!
أَمْ أَنَّ قَصَائِدَ عَنْتَرَة
بَاتَتْ كَزَبَدٍ لَجِين!
أَمْ أَنَّ سَيْفَهُ بَاتَ
مهترئٌ سَفِين؟!
9
فِي غَزَّةَ، هُنَاكَ
فِي مَقْهَى الْغِيَابِ
عَجُوزٌ تَتَأَمَّلُ وَجْهَهَا الْحَزِين
مُسِنٌّ يَسْأَلُ أَيْنَ الرِّفَاقُ
وَأَيْنَ السِّنِين؟
شَابٌّ يَتَعَطَّرَ بِحَنُوطِ الشَّهَادَةِ
وَالْيَقِين
صَبِيَّةٌ تَتَأَمَّلُ ثَوَبَ عُرْسِهَا
وَتُخْفِي الْأَنِين
وَيَتِيمٌ يَسْأَلُ أَيْنَ أَبِي؟
وَفِي قَلْبِهِ اللَّوْعَةُ وَالْحَنِين
كل الأمان والسلام أرجوه بحرارة
من الرب القدير لغزة
ولكل بقعة من أرض الله الواسعة
ولكل القلوب.
إعجابإعجاب