لوحة منسية..

لوحة منسية..

اللوحة: الفنان المصري وليد عبيد

أريج نكد

تركَها معلَّقةً على سماعةِ الهاتف

كلوحةٍ في بيتٍ مهجور

هجرَها أصحابُها لأنها حِملٌ زائد

تنتظرُ من يمسحُ غبارَ الحكاياتِ عنها:

ضحكاتِ أصحابِها ودموعَهم

أحلامَهم وأمانيَهم

نجاحاتِهم وخسائرَهم

ولادةَ الطفلِ الأولِ وفرحةَ أولِ خطوةٍ

وأولِ كَلِمةِ

أولى شهاداتِه ومغامراته

ذكرياتِ قدومِها ولحظاتِ الوداع..

تنتظرُ قدرَها

تقارعُ كوابيسَ الوقت

وتغفوْ

تبحثُ عنهُ في أحلامِها فتتوهْ

تلتقطُ أصابعَها لتُهاتفَهُ فتختلطُ الأرقام

تركضُ حافيةَ القدمين فتتعثرْ

تسقطُ سهوا

تُنادي باسمهِ فيختنقُ الصّوت

يسمعُ صوتَها

لكنهُ لا يصغي

يراها

لكنهُ يتجاهلُ

تحاولُ الوصولَ لكنّهُ أسرعُ منها

في بيتهِ القديم

تراقبُ خطواتهِ وعينيه وما بينهما

يتمايلُ على إيقاعِ ثوبِ محبوبتهِ الأحمر

يحتضنُ خصرَها النحيلَ والقليلَ من ثوبها

ويدوسُ على قلبِها

تُباعدُ بينهما لكنَّ يداها لا تتحركان.. ولا هما

تقفُ بينَهُ وبينَها وتناديه

فيعلو صوتُ الموسيقى

وضَحِكاتُهم

توكاتا تُطربهُ وتُربِكُها

تريحُهُ وتستفزُّها

تغلقُ أذنَيها وعينيها وتستغيثُ

يوقظها سيلٌ فرَّ من عينيها خلسة

يشقُ سراديبَ وسادتها.. فتهيم

بللَ شوقَها ولم يُطفئْه

أغرقَ حبَّها ولم يخنقْه

أيقظَ عقلَها وأغفىَ القلبَ

كم من حبٍ عليهِ قتلَ حبِّكِ لتحيي؟

كم من مَخلبٍ عليهِ انتزاعَ قلبَكِ لتعيشي؟

يُقطّبُ حاجبيهِ ويسألُ

كم من تجاهُلٍ عليه جَثَّ وجودَكِ لتكوني؟

كم من فراقٍ عليه نفيَكِ لتعودي؟

يَفردُ حاجبيه ويبتسمُ

سأنفضُ عنكِ وزرَ الحب لتنفضي عني وزرَ قلبِكِ

فلا طاقةَ لي به

تُخّلصُ يدِها من قيدِ الهاتف

تحتضنُ ذاتَه، تمسحُ خدّها وتطلُبُ المغفرةَ منها.

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.