هدهدة

هدهدة

اللوحة: الفنان المكسيكي ألفريدو رودريغيز

شهربان معدّي

كانت أمي تهدهد لنا كلّ الوقت

وكنت أسمعها وأبكي بصمت..

عندما تفرح كانت تهدهد لنا..

وعندما تبكي كانت تهلّل لنا..

كانت تهدهد أو تُهلّل أو تُغني..

وفق مزاجها..

عندما كانت تجدّلُ ضفائري الطويلة..

وتكنس غبار الوقت..

وتلمُّ غسيلها عن سطح الدار

وترتّق جواربنا وملابسنا،

وتفاصيل يوميّاتنا الصّغيرة..

لكنها لم تهدهد بمفردها؟

بل علّمت أختي وعلّمتني أسرار الهدهدة

وكان صوتها رقيقًا وعميقًا..

كصوت الماء..

كانت كلماتها جميلة، ولغتها سليمة..

وهكذا زرعت بي أنا وإخوتي، ثروة لغويّة ثريّة منذ نعومة أظافرنا..

*اللّغة يا عزيزتي الأم ليست جينات نتوارثها بالسليقة بل مُرافقة لغويّة هادفة.. تبدئين بها بالقصة والغّنية والاحتواء والحنّية.. تحدثي معه كلّ يوم، رغم أنه ما زال جنينًا في رحمك، حيث أثبتت التجارب أن عقل الإنسان يكتمل عندما يكون عمر الجنين أسبوعين ونصف ويبدأ باستيعاب وفهم الرسائل الخارجية.

في الطريق إلى الأمومة..

تنكشف الأسرار الغافيات..

يُزهر ألف ربيع..

في لوحة الخلق الجديدة..

بلا أجنحة..

تحملك لهفة الأمومة

للأفق اللازورد..

وفوق الغيوم الوردية..

تأخذك للأبديّة..


*منتقاة من كتاب «لا تترك يدي»

4 آراء على “هدهدة

  1. الصديقة العزيزة شهربان
    الطفل أكثر التصاقا بأمه من الأب
    لذا كان تأثير الأم الأقوى
    في التربية والتعليم وتنمية مهارات الطفل
    وتأسيس المبادئ الأخلاقية فيه.
    شكرا عزيزتي شهربان على الرسالة المهداة لكل الأمهات.

    إعجاب

    1. صديقتي الغالية ايناس
      قرّة العين وأخت قلبي
      كم أنا مشتاقة لكلماتك الخضراء وتعقيباتك الموضوعيّة، وكم ابعدتنا الأيام بعد رحيل الأستاذ المرحوم ابراهيم يوسف، وما اجمل أن نلتقي هنا، في هذه الجنّة الصغيرة – حانة الشعراء
      نفرش زهرات القلب ونسكب قطرات الروح.
      كم شرّفني مرورك الغالي.
      وأنت الأغلى.
      دمت بخير وسلام.

      إعجاب

  2. نعومة السكب من قارورة القلب
    تفرش ظلال الطفولة والعفوية والحرية.
    يا صاحبة القلب الطيب والكلمة المرهفة
    كيف لي أن اترك يدكِ وأنتِ تفرشين أمام العالم
    سجادة المحبة والرقة والإنسانية والبساط الأحمر.
    بكل الود: وهيب

    Liked by 1 person

    1. طوبى للعين التي لا تبصر سوى الجمال
      والقلب الذي لا ينشد غير الحب
      كلماتك هبطت كيمامة على صفحات قلبي
      وأنعشتْ زهرة روحي
      في زمن اليباب والموت والقتل المُباح..
      قط لم تترك يدك الكريمة يدي..
      من “البستان السحري”
      حتى هذه اللّحظة..
      كم هو العالم مظلم يا أستاذي
      كلّنا ننتظر الضياء..
      فهل سيأتي الضياء؟
      “وتشتعل ملايين الشموع بالدموع ويضيءُ المكانُ”
      “طوبى لمن جعل بصره بقلبهِ وليس بعينهِ”
      هكذا أخبرتني اليمامة

      إعجاب

اترك تعليقًا على shahrbanmoadi إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.