بعيدة أنت يا مدينتي

يا مدينة الطفولة

لقد سئمت وتعبت

من رحلتي الطويلة

تبهرني قبابك الجميلة

أود أن أنام في فيئها

وأدفن تحت حنيها

عندي لها من الحنان

ما يطفئ الأحزان

أنشق رائحة الشجر

تفوح كالعطر

عند زخة المطر

والحسن والجمال

يلوح كالقمر

فوق صفحة النهر

والشبابيك التي طالما

أوهمتني أن خلفها اثنان

السيدة بدور وقمر الزمان

من أين جاءت تلكم الصور

اطلالة الهلال البعيد

يبزغ من بين منارة الحسين

في عاشوراء وفي كل عيد

وصورة الشباك المرصع بالذهب

يلمع في النور كاللهب

مضمخ بالحناء والبخور

يعج بالدعاء والنذور

وصورة كنيسة العذراء

يصدح ناقوسها في حياء

تنزع جلبابها الأسود وتستعيد

صلاتها وعيدها المجيد

كما لم أنس ولن أغالي

سطح بيتنا العالي

وعش اللقلق الذي طار

ووكر في بيت المختار

أين مني الآن تلك الشناشيل؟

التي دار فيها حديث الهوى

بين عاشق وخليل

وبساط يلوح لي

كبساط الريح

يعتليه السندباد ويطير

في الفضاء الفسيح

واليوم أفتش عن وطني

وطني الذي ضاع

بين فاسد ومفسد

وزمرة الرعاع

فاطرق الأبواب بابا فباب

لعلني أجد الجواب

وأسمع من يقول

أن للظالم دولة

سرعان ما تدول

وينجلي الخطر

وتزدهي بغداد

بأجمل الصور