اللوحة: الفنان الإنجليزي بات ماكلورين
محمد نديم علي

لفت انتباهي بملابسه الرسمية شديدة الأناقة، ربطة عنقه الفاخرة، تسريحة شعره الوقورة، نظارته الداكنة غالية الثمن، عنقه الممتد فوق كتفه، يرمق العالم بنظرة متعالية.
قامته المستقيمة الممتدة عبر الفراغ، كأنه تمثال ملك متجبر، يرتكز على حذاء أسود فخم، باهر اللمعان.
ألا يوحي ذلك بأنه رجل ذو مركز مرموق، أو عين من طبقة اجتماعية عالية الحيثية؟ هكذا تساءلت!
لكن ما لفت نظري، وأدهشني، أن كفاه قد امتلأتا بخواتم فضية لامعة، قد أحاطت بأصابعه العشرة!
وقف في نقطة التقاطع، لأربعة من الطرق كل له اتجاهين، متجاهلا كم المركبات الذي يمر بالمكان في ذلك الوقت من اليوم، غير أنه كان يتفادى ذلك الكم من السيارات بثبات وثقة.
مشيت في طريقي، مكتفيا بالتلفت بين الحين والآخر، حتى مضيت قدما قاصدا وجهتي.
مرت على يساري مركبة مكشوفة مسرعة، تحمل مكبرات صوتية كبيرة، صاخبة صادحة بموسيقا شعبية راقصة هزت أجواء ذلك الأصيل (ساعة العصاري) من ذلك اليوم الصيفي في تلك المدينة المزدحمة. وما هي إلا لحظات، حتى حانت مني التفاتة استطلاع، إلى حيث نقاط التقاطع لذلك الطريق. فلمحت على البعد حشدا هائلا قد اجتمع في تلك النقطة. وازدحم المكان، وتبادر إلى سمعي تصفيق وصفير، وضحكات، وهتاف.
رجعت مسرعا نحو ذلك التجمع، فإذا هو حلبة مستديرة من جمهور غفير صاخب مهلل، ومصفق، وذات الرجل الأنيق، ذو الخواتم الفضية اللامعة في أصابعه العشر، في منتصف الدائرة، وقد انهمك في الرقص بإخلاص شديد على وقع تلك الموسيقا الشعبية الصاخبة.