سردية المقاومة والحياة

سردية المقاومة والحياة

د. حمدي سليمان

اللوحة: الفنان الأميركي ادوين لورد ويكس

في مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، في زمن نضال ما قبل الانفتاح على الثورة، وقبل انكفاء مصر على مشروعها الاجتماعي والاقتصادي الجديد، كانت الحياة في مجتمع الإسماعيلية تشتعل سرا بمقاومة قوات الاحتلال وبزوغ الروح الوطنية على حواف المدن، فاضحة ما لم تسمح به السلطات آنذاك، نظرا لكونها واحدة من تلك المدن الاهم التي بنى على أرضها أضخم معسكرات جيش الاحتلال في منطقتي الجلاء وفايد، لذا كانت الإسماعيلية من المدن التي تم استهدافها من قبل قوات المحور، ودارت على أرضها رحى الحرب العالمية الثانية، كما كان لأبنائها دور كبير في إمداد المقاتلين في حرب فلسطين “48” بالسلاح، وهى الأسلحة التي كان يتم تهريبها من مخازن القوات الانجليزية بمنطقة فايد ومعسكر الجلاء، وربما كانت هذه العمليات هي الفاتحة للعمل الفدائي المنظم ضد قوات الاحتلال في 1951، خاصة بعد إعلان إلغاء معاهدة 36 من قبل الحكومة المصرية، حيث توافد على الإسماعيلية الآلاف من الفدائيين من مختلف المحافظات، الذين قاموا بمساعدة أبناء المدينة بتنفيذ عمليات فدائية موجعة ضد قوات الاحتلال، وأصبحت مدينة الإسماعيلية مسرحا للعمليات الفدائية ضد الأنجليز، واشتدت المقاومة وأرتفع عدد القتلى والمصابين بين القوات الانجليزية، لدرجة أنهم قاموا بتجفيف ترعة الاسماعيلية لينتشلوا منها بعض جنودهم الذين تم قتلهم، واغراق جثثهم فى الترعة. حتى أصبحت الخسائر البريطانية نتيجة العمليات الفدائية فادحة، وكذلك انسحاب العمال المصريين من العمل في معسكرات الإنجليز، وتوقف المتعهدون عن توريد الخضراوات واللحوم والمستلزمات الأخرى الضرورية للإعاشه لمعسكرات قوات الاحتلال، كما شهدت تلك الأيام أحداث معركة الشرطة، ضد الاحتلال البريطانى فى 25 يناير 1952، والذي استشهد فيها 56 شهيدا من أفراد وضباط الشرطة، وجرح المئات، فى معركة غير متكافئة بين البوليس المصرى وقتها والقوات البريطانية، بمقر نقطة شرطة البستان، مقر مديرية الأمن حاليا، وهي المعركة التي قال عنها الجنرال الأنجليزي “اكسهام”، لقد قاتل رجال االبوليس المصري بشرف واستسلموا بشرف، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعا، وأمر باداء التحيه العسكريه للمصريين عند خروجهم من دار المحافظه، تكريما وتقديرا لشجاعتهم‏. وكان لإنطلاق شرارة الكفاح والمقاومة من الإسماعيلية، دور عظيم في كسر حاجز الخوف من قوة وبطش الاحتلال، وهو ما ساعد على أن تمتد المقاومة بعد ذلك لتشمل القاهرة والاسكندرية بل مصر كلها في ظل تفجر الروح الوطنية، التي مهدت لقيام ثورة يوليو.


على ضفاف البحيرة

في مديح القناة

الإسماعيلية.. باريس الصغرى

موسيقى النوارس

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s